مفهوم "الادارة الالكترونية":
في الواقع, إنّ الذين يطرحون مفهوم "الحكومة
الالكترونية"
"e-government" و ينزّلونه مكان مصطلح
الإدارة الالكترونية غاب عن بالهم انه لا تستطيع أي حكومة في العالم القيام بجميع
الأعمال الموكلة إليها عن طريق الانترنت أو الانترانت* .إذ أنه لا يمكن لأي حكومة
أن تدير موارد بلد ما و تحوّل عملها بالكامل إلى عمل عن طريق الانترنت.
و على العموم فالإدارة الالكترونية "e-management" هي بكل بساطة الانتقال من إنجاز المعاملات و تقديم الخدمات العامة من الطريقة التقليدية اليدوية إلى الشكل الالكتروني من أجل استخدام أمثل للوقت و المال و الجهد.**
و بمعنى آخر "فالإدارة الالكترونية" هي إنجاز المعاملات الإدارية و تقديم الخدمات العامة عبر شبكة الانترنت أو الانترانت بدون أن يضطر العملاء من الانتقال إلى الإدارات شخصيا لإنجاز معاملاتهم مع ما يترافق من إهدار للوقت و الجهد و الطاقات.
فالإدارة الالكترونية تقوم على مفهوم جديد و متطور يتعدّى المفهوم الحديث "اتّصل و لا تنتقل" و ينقله خطوة إلى الأمام بحيث يصبح "ادخل على الخط و لا تدخل في الخط"***
و نحن من جهتنا نقول وكتعريف امثل و أشمل للإدارة الالكترونية انّ "الإدارة الالكترونية" هي "استراتيجية إدارية لعصر المعلومات, تعمل على تحقيق خدمات أفضل للمواطنين و المؤسسات و لزبائنها (الإدارة الخاصة منهم) مع استغلال أمثل لمصادر المعلومات المتاحة من خلال توظيف الموارد المادية و البشرية و المعنوية المتاحة في إطار الكتروني حديث من اجل استغلال أمثل للوقت و المال و الجهد و تحقيقا للمطالب المستهدفة و بالجودة المطلوبة مع دعم لمفهوم (ادخل على الخط و لا تدخل في الخط)".
و من أهم التجارب العربية الناجحة في مجال تطبيق "الإدارة الالكترونية" هي "حكومة دبي الالكترونية" فقد خطت خطوات كبيرة في هذا المجال, و عدد كبير من المعاملات الآن يمكن القيام بها دون أن تغادر كرسي مكتبك. إذ تستطيع أن تدفع الرسوم و كل ما تحتاج إليه المعاملة من استمارات و طوابع و غيرها بسهولة عن طريق الانترنت فالنسبة العالية لمستخدمي الانترنت في هذه الإمارة و كذلك صغر حجمها و كونها مركز تجاري عالمي و تفعيل الدرهم الالكتروني كل هذا ساهم في تسريع عملية التحوّل إلى "الحكومة الالكترونية".
و على العموم فالإدارة الالكترونية "e-management" هي بكل بساطة الانتقال من إنجاز المعاملات و تقديم الخدمات العامة من الطريقة التقليدية اليدوية إلى الشكل الالكتروني من أجل استخدام أمثل للوقت و المال و الجهد.**
و بمعنى آخر "فالإدارة الالكترونية" هي إنجاز المعاملات الإدارية و تقديم الخدمات العامة عبر شبكة الانترنت أو الانترانت بدون أن يضطر العملاء من الانتقال إلى الإدارات شخصيا لإنجاز معاملاتهم مع ما يترافق من إهدار للوقت و الجهد و الطاقات.
فالإدارة الالكترونية تقوم على مفهوم جديد و متطور يتعدّى المفهوم الحديث "اتّصل و لا تنتقل" و ينقله خطوة إلى الأمام بحيث يصبح "ادخل على الخط و لا تدخل في الخط"***
و نحن من جهتنا نقول وكتعريف امثل و أشمل للإدارة الالكترونية انّ "الإدارة الالكترونية" هي "استراتيجية إدارية لعصر المعلومات, تعمل على تحقيق خدمات أفضل للمواطنين و المؤسسات و لزبائنها (الإدارة الخاصة منهم) مع استغلال أمثل لمصادر المعلومات المتاحة من خلال توظيف الموارد المادية و البشرية و المعنوية المتاحة في إطار الكتروني حديث من اجل استغلال أمثل للوقت و المال و الجهد و تحقيقا للمطالب المستهدفة و بالجودة المطلوبة مع دعم لمفهوم (ادخل على الخط و لا تدخل في الخط)".
و من أهم التجارب العربية الناجحة في مجال تطبيق "الإدارة الالكترونية" هي "حكومة دبي الالكترونية" فقد خطت خطوات كبيرة في هذا المجال, و عدد كبير من المعاملات الآن يمكن القيام بها دون أن تغادر كرسي مكتبك. إذ تستطيع أن تدفع الرسوم و كل ما تحتاج إليه المعاملة من استمارات و طوابع و غيرها بسهولة عن طريق الانترنت فالنسبة العالية لمستخدمي الانترنت في هذه الإمارة و كذلك صغر حجمها و كونها مركز تجاري عالمي و تفعيل الدرهم الالكتروني كل هذا ساهم في تسريع عملية التحوّل إلى "الحكومة الالكترونية".
* متطلبات مشروع "الادارة الالكترونية":
إنّ مشروع الإدارة الالكترونية شأنه شأن أي مشروع أو برنامج آخر يحتاج إلى تهيئة البيئة المناسبة و المؤاتية لطبيعة عمله كي يتمكن من تنفيذ ما هو مطلوب منه و بالتالي يحقق النجاح و التفوق و الاّ سيكون مصيره الفشل و سيسبب ذلك خسارة في الوقت و المال و الجهد و نعود عندها إلى نقطة الصفر, فالإدارة هي ابنة بيئتها تؤثر و تتأثر بكافة عناصر البيئة المحيطة بها و تتفاعل مع كافة العناصر السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و التكنولوجية لذلك فان مشروع الإدارة الالكترونية يجب أن يراعي عدّة متطلبات منها:
- أولا: البنية التحتيّة, إذ انّ الإدارة الالكترونية تتطلب وجود مستوى مناسب ان لم نقل عال من البنية التحتيّة التي تتضمن شبكة حديثة للاتصالات و البيانات و بنية تحتيّة متطورة للاتصالات السلكية و اللاسلكية تكون قادرة على تأمين التواصل و نقل المعلومات بين المؤسسات الإدارية نفسها من جهة و بين المؤسسات و المواطن من جهة أخرى.
- ثانيا: توافر الوسائل الالكترونية اللازمة للاستفادة من الخدمات التي تقدمها الإدارة الالكترونية و التي نستطيع بواسطتها التواصل معها و منها أجهزة الكمبيوتر الشخصية و المحمولة و الهاتف الشبكي و غيرها من الأجهزة التي تمكننا من الاتصال بالشبكة العالمية أو الداخلية في البلد و بأسعار معقولة تتيح لمعظم الناس الحصول عليها.
- ثالثا: توافر عدد لا بأس به من مزودي الخدمة بالانترنت, و نشدد على أن تكون الأسعار معقولة قدر الإمكان من اجل فتح المجال لأكبر عدد ممكن من المواطنين للتفاعل مع الإدارة الالكترونية في أقل جهد و أقصر وقت و أقل كلفة ممكنة.
- رابعا: التدريب و بناء القدرات, و هو يشمل تدريب كافة الموظفين على طرق استعمال أجهزة الكمبيوتر و إدارة الشبكات و قواعد المعلومات والبيانات و كافة المعلومات اللازمة للعمل على إدارة و توجيه "الإدارة الالكترونية" بشكل سليم و يفضل أن يتم ذلك بواسطة معاهد أو مراكز تدريب متخصصة و تابعة للحكومة, أضف إلى هذا أنه يجب نشر ثقافة استخدام "الإدارة الالكترونية" و طرق و وسائل استخدامها للمواطنين أيضا و بنفس الطريقة السابقة.
- خامسا: توافر مستوى مناسب من التمويل, بحيث يمكّن التمويل الحكومة من إجراء صيانة دورية و تدريب للكوادر و الموظفين و الحفاظ على مستوى عال من تقديم الخدمات و مواكبة أي تطور يحصل في إطار التكنولوجيا و "الإدارة الالكترونية" على مستوى العالم.
- سادسا: توفر الإرادة السياسية, بحيث يكون هناك مسؤول أو لجنة محددة تتولى تطبيق هذا المشروع و تعمل على تهيئة البيئة اللازمة و المناسبة للعمل و تتولى الإشراف على التطبيق و تقييم المستويات التي وصلت إليها في التنفيذ*
- سابعا: وجود التشريعات و النصوص القانونية التي تسهل عمل الإدارة الالكترونية و تضفي عليها المشروعية و المصداقية و كافة النتائج القانونية المترتبة عليها.
- ثامنا: توفير الأمن الالكتروني و السرية الالكترونية على مستوى عال لحماية المعلومات الوطنية و الشخصية و لصون الأرشيف الالكتروني من أي عبث و التركيز على هذه النقطة لما لها من أهمية و خطورة على الأمن القومي و الشخصي للدولة أو الأفراد.
- تاسعا: خطة تسويقية دعائية شاملة للترويج لاستخدام الإدارة الالكترونية و إبراز محاسنها و ضرورة مشاركة جميع المواطنين فيها و التفاعل معها و يشارك في هذه الحملة جميع وسائل الإعلام الوطنية من إذاعة و تلفزيون و صحف و الحرص على الجانب الدعائي و إقامة الندوات و المؤتمرات و استضافة المسؤولين و الوزراء و الموظفين في حلقات نقاش حول الموضوع لتهيئة مناخ شعبي قادر على التعامل مع مفهوم الإدارة الالكترونية.
بالإضافة إلى هذه العناصر يجب توفير بعض العناصر الفنية و التقنية التي تساعد على تبسيط و تسهيل استخدام الإدارة الالكترونية بما يتناسب مع ثقافة جميع المواطنين و منها: توحيد أشكال المواقع الحكومية و الإدارية و توحيد طرق استخدامها و إنشاء موقع شامل كدليل لعناوين جميع المراكز الحكومية الإدارية في البلاد.
* أهداف "الادارة الالكترونية":
ان الفلسفة الرئيسية للإدارة الالكترونية هي نظرتها إلى الإدارة كمصدر للخدمات, و المواطن و الشركات كزبائن أو عملاء يرغبون في الاستفادة من هذه الخدمات, لذلك فان للإدارة الالكترونية أهداف كثيرة تسعى إلى تحقيقها في إطار تعاملها مع العميل نذكر منها بغض النظر عن الأهمية و الأولوية:-
1- تقليل كلفة الإجراءات (الإدارية) و ما يتعلق بها من عمليات
2- زيادة كفاءة عمل الإدارة من خلال تعاملها مع المواطنين و الشركات و المؤسسات
3- استيعاب عدد أكبر من العملاء في وقت واحد إذ أنّ قدرة الإدارة التقليدية بالنسبة إلى تخليص معاملات العملاء تبقى محدودة و تضطرّهم في كثير من الأحيان إلى الانتظار في صفوف طويلة.
4- إلغاء عامل العلاقة المباشرة بين طرفي المعاملة أو التخفيف منه إلى أقصى حد ممكن مما يؤدي إلى الحد من تأثير العلاقات الشخصية و النفوذ في إنهاء المعاملات المتعلقة بأحد العملاء.
5- إلغاء نظام الأرشيف الوطني الورقي و استبداله بنظام أرشفة الكتروني مع ما يحمله من ليونة في التعامل مع الوثائق و المقدرة على تصحيح الأخطاء الحاصلة بسرعة و نشر الوثائق لأكثر من جهة في أقل وقت ممكن و الاستفادة منها في أي وقت كان.
6- القضاء على البيروقراطية بمفهومها الجامد و تسهيل تقسيم العمل و التخصص به
7- إلغاء عامل المكان, اذ أنّها تطمح إلى تحقيق تعيينات الموظفين و التخاطب معهم و إرسال الأوامر و التعليمات و الإشراف على الأداء و إقامة الندوات و المؤتمرات من خلال "الفيديو كونفرانس" و من خلال الشبكة الالكترونية للإدارة.
8- إلغاء تأثير عامل الزمان, ففكرة الصيف و الشتاء لم تعد موجودة و فكرة أخذ العطل أو الأجازات لإنجاز بعض المعاملات الإدارية تمّ الحد منها إلى أقصى حد ممكن.
و أخيرا و ليس آخرا من أهداف الإدارة الالكترونية التأكيد على مبدأ الجودة الشاملة بمفهومها الحديث فالجودة كما هي في قاموس أكسفورد تعني الدرجة العالية من النوعية أو القيمة و عرّفتها مؤسسة أو دي أي الأمريكية المتخصصة…..بأنها إتمام الأعمال الصحيحة في الأوقات الصحيحة و من هنا تأتي الإدارة الالكترونية لتأكد على أهمية تلبية احتياجات العمل في الوقت و الزمان الذي يكون فيه العميل محتاجا إلى الخدمة في أسرع وقت ممكن.
* السلبيّات المحتملة لتطبيق مشروع "الادارة الالكترونية":
قد يعتقد البعض أنه و عند تطبيق استراتيجية "الإدارة الالكترونية" سوف تزول كل المصاعب و المشاكل الإدارية و التقنية و العملانية, لكن الواقع يشير الى أمر مختلف بمعنى أن تطبيق الإدارة الالكترونية سيحتاج إلى تدقيق مستمر و متواصل لتأمين استمرار تقديم الخدمات بأفضل شكل ممكن مع الاستخدام الأمثل للوقت و المال و الجهد آخذين بعين الاعتبار وجود خطط بديلة أو خطّة طوارئ في حال تعثّر الإدارة الالكترونية في عملها لسبب من الأسباب أو لسلبية من السلبيات المحتملة لتطبيق الإدارة الالكترونية و هي بشكل عام ثلاث سلبيات رئيسية هي:
1- التجسس الالكتروني
2- زيادة التبعية
3- شلل الإدارة
- أولا: التجسس الالكتروني
بعد ثورة المعلومات و التقنيات التي اجتاحت العالم,قلّصت دول العالم خاصة المتطورة منها اعتمادها على العنصر البشري على الرغم من أهميته و أولويته في كثير من المجالات لصالح التقنية,و التجسس إحدى هذه المجالات, و من الطبيعي أنه عندما تعتمد إحدى الدول على نظام "الإدارية الالكترونية" فانّها ستحوّل أرشيفها إلى أرشيف الكتروني كما سبق و ذكرنا و هو ما يعرّضه لمخاطر كبيرة تكمن في التجسس على هذه الوثائق و كشفها و نقلها و حتى إتلافها لذلك فهناك مخاطر كبيرة من الناحية الأمنية على معلومات و وثائق و أرشيف الإدارة سواء المتعلقة بالأشخاص أو الشركات أو الإدارات أو حتى الدول.
فمصدر الخطورة هنا لا يأتي من تطبيق الإدارة الالكترونية كي لا يفهم البعض أننا ننادي إلى البقاء على النظام التقليدي للإدارة, و إنما مصدر الخطورة يكمن في عدم تحصين الجانب الأمني للإدارة الالكترونية و الذي يعتبر أولوية في مجال تطبيق استراتيجية الإدارة الالكترونية فإهمال هذه الناحية يؤدي إلى كارثة وطنية يحدثها التجسس الالكتروني, و مصدر خطر التجسس الالكتروني يأتي غاليا من ثلاث فئات:
- الفئة الأولى هي الأفراد العاديون
- الفئة الثانية هي الهاكرز (القراصنة)
- الفئة الثالثة هي أجهزة الاستخبارات العالمية للدول
هذا فيما يقتصر خطر يقتصر خطر الفئتين الأولى و الثانية على تخريب الموقع أو إعاقة عمله و إيقافه بحيث تستطيع الإدارة تلافي ذلك بطرق وقائية أو بإعداد نسخة احتياطية عن الموقع, فان خطر الفئة الثالثة يتعدى ذلك بكثير و يصل الى درجة الاطّلاع الكامل على كافة الوثائق الحكومية و وثائق المؤسسات و الإدارات و الأفراد و الأموال و ما إلى ذلك مما يشكل تهديدا فعليا على الأمن القومي و الاستراتيجي للدولة المعنية خاصة عندما تقوم أجهزة الاستخبارات هذه بيع أو نقل أو تصوير هذه الوثائق و تسريبها إلى جهات معادية للدولة التي سلبت منها.
- ثانيا: زيادة التبعية للخارج
من المعلوم ان الدول العربية ليست دولا رائدة في مجال التكنولوجيا و المعلومات و هي دول مستهلكة و مستعملة لهذه التكنولوجية على الرغم من أن هناك أعداد كبيرة من العلماء العرب و الاختصاصين في مجال التكنولوجيا في العالم أو من أصل عربي. و على العموم بما ان "الإدارة الالكترونية" تعتمد بمعظمها ان لم نقل بأكملها على التكنولوجيا الغربية فان ذلك يعني أنه سيزيد من مظاهر تبعية الدول المستهلكة للدول الكبرى الصناعية و هو ما له انعكاسات سلبية كثيرة خاصة كما ذكرنا أعلاه في المجال الأمني للإدارة الالكترونية.
فالاعتماد الكلّي على تقنيات أجنبية للحفاظ على أمن معلوماتنا و تطبيقها على الشبكات الرسمية التابعة للدول العربية هو تعريض للأمن الوطني و القومي لهذه الدول للخطر و وضعه تحت سيطرة دول غربية بغض النظر عمّا اذا كانت هذه الدول عدوّة أم صديقة فالدول تتجسس على بعضها البعض بغض النظر عن نوع العلاقات بينها……و لا يقتصر الأمر على التجسس على المعلومات لأهداف عسكرية و سياسية بل يتعدّاه إلى القطاع التجاري لكي تتمكن الشركات الكبرى من الحصول على معلومات تعطيها الأفضلية على منافستها في الأسواق.
لذلك كله نحن ننصح و نشدد على ضرورة دعم و تسهيل عمل القطاع التكنولوجي العربي و الإنفاق على أمور البحث العلمي فيما يتعلق بالتكنولوجيا و الأمن التكنولوجي خاصة و انه لدينا القدرات البشرية و المادية اللازمة لمثل ذلك و نشدد أيضا على ضرورة تطوير حلول أمن المعلومات محليا أو على الأقل وضع الحلول الأمنية الأجنبية التي نرغب باستخدامها تحت اختبارات مكثفة و دراسات معمّقة و التأكد من استقلاليتها و خلوّها من الأخطار الأمنية.
- ثالثا: شلل الادارة
إنّ التطبيق غير السوي و الدقيق لمفهوم و استراتيجية "الإدارة الالكترونية" و الانتقال دفعة واحدة من النمط التقليدي للإدارة إلى الإدارة الالكترونية دون اعتماد التسلسل و التدرج في الانتقال من شأنه أن يؤدي إلى شلل في وظائف الإدارة لأنه عندها نكون قد تخلّينا عن النمط التقليدي للإدارة و لم ننجز الإدارة الالكترونية بمفهومها الشامل, فنكون قد خسرنا الأولى و لم نربح الثانية ممّا من شأنه أن يؤدي إلى تعطيل الخدمات التي تقدمها الإدارة أو إيقافها ريثما يتم الإنجاز الشامل و الكامل للنظام الإداري الالكتروني أو العودة إلى النظام التقليدي بعد خسارة كل شيء و هذا ما لا يجوز أن يحصل في أي تطبيق لاستراتيجية الإدارة الالكترونية.
* عوائق تطبيق "الادارة الالكترونية":
ان مجرّد وجود استراتيجية متكاملة للتحول إلى نمط "الإدارة الالكترونية" لا يعني أنّ الطريق ممهدة لتطبيق و تنفيذ هذه الاستراتيجية بسهولة و سلاسة و بشكل سليم و ذلك لأنّ العديد من العوائق و المشاكل ستواجه تطبيق الخطة و لذلك يجب على المسؤولين عن وضع و تنفيذ مشروع "الإدارة الالكترونية" التمتّع بفكر شامل و محيط بكافة العناصر و المتغيرات التي يمكن أن تطرأ و تعيق خطّة عمل و تنفيذ استراتيجية الإدارة الالكترونية و ذلك امّا لتفاديها أو إيجاد الحلول المناسبة لها و من هذه العوائق التي يمكن ان تعيق عملية تطبيق الإدارة الالكترونية:
- أولا: التخبط السياسي و الذي يمكن ان يؤدّي إلى مقاطعة مبادرة "الإدارة الالكترونية" و في بعض الأحيان تبديل وجهتها, و يشكّل هذا العنصر خطرا كبيرا على مشروع الإدارة الالكترونية.
- ثانيا: عدم توفر الموارد اللازمة لتمويل مبادرة "الإدارة الالكترونية" لاسيما في حال تدنّي العائدات المالية الحكومية.
- ثالثا: تأخير متعمد أو غير متعمد في وضع الإطار القانوني و التنظيمي المطلوب و الذي يشكّل أساسا لأي عملية تنفيذ "للإدارة الالكترونية"
- رابعا: الكوارث الوطنية الناجمة عن نزاع إقليمي و التي يمكنها تعطيل البنية التحتيّة لفترة من الزمن ممّا من شأنه أن يعيق تنفيذ "استراتيجية الإدارة الالكترونية".
- خامسا: مقاومة هائلة للتغيير من قبل الموظفين الحكوميين الذين يخشون على عملهم المستقبلي بعد تبسيط الإجراءات و تنظيم العمليات الحكومية.
- سادسا: عدم استعداد المجتمع لتقبّل فكرة الإدارة الالكترونية و الاتّصال السريع بالبنية التحتّية المعلوماتية الوطنية عبر الانترنت نظرا للأزمات الاجتماعية-الاقتصادية خاصة إذا كانت هذه العملية مكلفة ماديا.
- سابعا: نقص في القدرات على صعيد قطاع تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات محليا أو دعم غير كاف من قطاع التكنولوجيا المعلومات و الاتصالات الدولي للجهود الحكومية الرامية إلى تنفيذ تطبيقات الإدارة الالكترونية.
* واقع الادارة العامة في معظم البلدان العربية و المشاكل التي تعاني منها:
في الحقيقة لم تشهد معظم البلدان العربية محاولة جدّية و شاملة لتحسين الإدارة العامة, فأنشأت الوزارات و المؤسسات العامة في غياب مخطط هيكلي عام للإدارة مما أوصل الإدارة إلى ما هي عليه اليوم من واقع سيئ جدا يتّصف بـ:
تدنّي مستوى الخدمات, عدم الالتزام بالقانون, انتشار الفساد و الرشاوى و المحسوبيات و الفوضى, اعتماد التنفيذ الاعتباطي للمعاملات, التمادي في تعقيد الإجراءات و تأخر في إنجاز المعاملات إضافة إلى تدخّل السياسيين الفاضح في الشؤون الإدارية و المحسوبية الإدارية.
أمّا المشاكل و الأسباب التي أدّت الى هذه النتائج السلبية في الإدارة فهي متعددة و متنوعة و منها:
1- طبيعة النظام السياسي: إذ انّ معظم المشاكل التي تعاني منها الإدارة هي ناتجة عن طبيعة النظام السياسي في البلدان العربية و هو أهم عنصر في تردّي وضع الإدارة, و هو أمر أغفله أو يجهله كثير من الناس, إذ أنّ الإدارة ليست الاّ أداة لتطبيق السياسات التي يضعها النظام السياسي, و بما انّ النظام السياسي في معظم البلدان العربية مشلول فقد أدّى هذا الى شل الإدارة و تقسيمها على أساس حصصي مما أدّى بدوره إلى انتشار المحسوبيات و الفوضى و إلى إهمال مبدأ الكفاءة في التعيين و إهمال مبدأ الثواب و العقاب.
2- عدم كفاءة االموظفين: و هو عنصر يتّصل بالسبب السابق كما تمّ شرحه إذ انّ الكثير من الموظفين هم ممّا لا يستطيعون حتى الكتابة أو على الأقل بشكل جيد و هم من غير المتخصصين و لا يخضعون حتى بعد توظيفهم لدورات تخصصية و يختارون على مقياس حزبي و طائفي و كل هذا يؤدي الى اعتماد التنفيذ الاعتباطي للمعاملات و عدم التقيّد بالقوانين و ازدراء المواطنين.
3- البيروقراطية الشديدة**: في الحقيقة انّ المفهوم السائد للبيروقراطية هو الالتزام الشديد و المتحجّر بنص القانون لدرجة تؤدي الى عرقلة المعاملات و بالتالي القضاء على الهدف الذي من أجله وضع القانون و هو تسهيل معاملات الناس. الاّ انّ البيروقراطية في معظم البلدان العربية ليست ناجمة عن ذلك "أي الالتزام الشديد بالقانون", بل هي نتيجة لغياب القانون في كثير من الأحيان و اعتماد الارتجال في المعاملات لدرجة أنّ معاملتين مثلا ينطبق عليهما نفس الموضوع و الخصائص الاّ أن تنفيذها يتم بطريقتين مختلفتين و ذلك يعود إلى بيروقراطية "الجهل بالقانون" أي التمسك الشديد برفض فهم القانون أو حتى الاضطلاع عليه.
4- انعدام المساءلة: انّ أنظمة الرقابة و المساءلة في المجال الإداري غير فعّال و بالرغم من كثرة عدد الهيئات الرقابية و التأديبية داخل السلطة التنفيذية, لم يتم التوصل حتى الآن الى ضبط المخالفات و الحد من سوء الإدارة.علاوة على ذلك فانّ الوزارات لا تتقدم حتى بالتقارير حول نشاطاتها كل ستة أشهر تطبيقا للقوانين و يقضي على عامل الردع القانوني و هو يؤدي الى انتشار الفساد و التسيب الإداري.
5- تدني مستوى الدخل: يؤثر هذا كثيرا على الموظف حتى صاحب الأخلاقيات و الملتزم بالقانون و يدفعه الى قبول الرشاوى و المال مقابل تيسير المعاملات و تسهيلها و يعد عاملا لا يستهان به في وصول الإدارة الى مستواها الحالي.
6- المركزية الادارية الشديدة: تشكو هيكلية الإدارة العامة من مركزية شديدة و عدم ترابط فعّال بين إدارتها على المستوى المركزي و الإدارات المحلية .
* ضرورة تحقيق مطلب الاصلاح الاداري:
في الحقيقة, لا يمكننا الحديث عن ادارة الكترونية من دون تحقيق مطلب الإصلاح الإداري خاصة بعدما عرفنا المشاكل التي تعاني منها الإدارة و هي مشاكل بنيوية و مزمنة و هي كفيلة بالقضاء على فكرة الإدارة الالكترونية في مهدها و هو أمر أغفلته التقارير و الدراسات أو لم تعطه حقّه.
لذلك لا بدّ من استحداث وزارة للإصلاح الإداري بحيث تتصف باستمرارية العمل و الرقابة و ينحصر اختصاصها في مراقبة و تطوير الشؤون الإدارية و الإدارة العامة ذلك انّ الإصلاح الإداري هو مسؤولية وطنية شاملة لا مسؤولية فرد فحسب و هو مهمة شاقة رسمية و شعبية مستمرة و هو التزام وطني على صعيد السلطة السياسية و على صعيد الرأي العاملين في الإدارة قادة و مرؤوسين و على الأقل عند السلطة السياسية و العاملين في الإدارة و هو ما يؤخّر البلدان العربية و يمنعها من تطبيق سليم لخطّة الإدارة الالكترونية التي تتناقض مع الفساد الإداري و التسيب و المحسوبية الحاصلة.
تجدر الإشارة إلى انّ أبرز مقومات نجاح الإصلاح الإداري التي يجب اتّباعها لنصل الى مرحلة الحديث عن الإدارة الالكترونية هي:
1- إرادة سياسية حازمة ملتزمة بإنجاز الإصلاح الإداري و هذا يستدعي قرارا سياسيا بالإصلاح الإداري منبثقا عن السلطة السياسية الرسمية في الدولة و يجب ان يوضع هذا القرار موضع التنفيذ وفق خطّة مبرمجة زمنيا مع ضرورة المتابعة و المراقبة الميدانية.
2- الالتزام بالإصلاح الإداري على صعيد العاملين بكافة فئاتهم و مستوياتهم و مشاركتهم جميعا في رسم معالم و إعداد خطّة الإصلاح الإداري .
3- الالتزام بالإصلاح الإداري على صعيد الرأي العام و المجتمع فوجود جمهور أو تيّار شعبي واع لحقوقه ملتزم بمطلب الإصلاح الإداري أمر أساسي و ضروري لتحصين إرادة الإصلاح على مستوى سلطة القرار السياسي.
هذا و تجدر الإشارة إلى أنه بدون وجود العنصر الأول تنتفي فاعلية العناصر الأخرى و هذا شبه حاصل في معظم البلدان العربية.
* مراحل الانتقال السليم من الادارة التقليدية الى الالكترونية:
ان أفضل سيناريو للوصول الى تطبيق سليم لاستراتيجية الادارة الالكترونية مع استغلال أمثل للوقت و المال و الجهد هو بتقسيم خطّة الوصول الى المرحلة النهائية للإدارة الالكترونية
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire