الأموال
هناك نظريتان أساسيتان تتنازعان مفهوم المال، نظرية
تقليدية وتجعل من الشيء أساسا لتعريف المال، فللمال تعريف واسع يشمل الحقوق
والأشياء على السواء ونظرية حديثة تجعل مفهوم المال يقتصر فقط على المنافع
المتقدمة والمتحصلة من الأشياء وبالتالي تجعل مفهوم المال يتركز في الحقوق فقط لأن
الأشياء ما هي سوى محل لهذه الحقوق
النظرية التقليدية لمفهوم المال وتقسيماته
كان ينظر إلى الأموال في ظل النظرية التقليدية، والتي
تأخذ بالحقوق والأشياء بالمفهوم الواسع، على أنها نوع من الأشياء بحيث كانت تقتصر
على الأشياء القابلة للحيازة والتملك، والتعامل فيها ومن تم فقد كانوا يعرفون
المال بأنه كل شيء نافع للإنسان ويصح أن يستأثر به دون غيره ويكون محلا للحق.
وبالتالي كانت الأموال قديما محصورة في العقار بالدرجة
الأولى يليه المنقول إضافة إلى الحقوق العينية.
ولقد اهتمت مختلف التشريعات بالعقار وهو كل شيء قار
وثابت أي الأرض وما اتصل بها لكونه يعتبر موردا اقتصاديا لا ينضب
وبالتالـي دأب فقـهاء الشـريعة الإسلامية وعلماء القانون
المـدني على تقسيم المال أو الأشياء ذات القيمة الاقتصادية إلى عقار ومنقول.
أولا: العقار
إذا كانت بعض التشريعات المدنية قد قسمت العقار إلى عقار
بالطبيعة وعقار بالتخصيص فإن التشريع المغربي أضاف نوع ثالث، وهو العقار بحسب
المحل الذي ينسحب عليه،
أ- العقار بالطبيعة: لم يعرف
المشرع المغربي العقار بطبيعته بل اقتصر على تعداد أهم أنواعها في نطاق الفصل
السادس من ظهير 19 رجب 1333 معتبرا من هذا القبيل كل من الأراضي، والدينية،
والمنشآت المتممة للبناء، والنباتات ومن تم يمكن تعريف العقار بطبيعته وفي ضوء
حاجات المجتمع المعاصر بأنه: كل شيء يعد في الأصل لأن يبقى مستقرا في حيزه، ثابتا
فيه، بحيث لا ينقل منه إلا استثناء، ويتطلب نقله في بعض الأحيان إلى وسائل تقنية
خاصة لا تتوافر إلا لدى الاختصاصيين وتأسيسا على ما تقدم تعتبر عقارات بطبيعتها
الأشياء التالية:
1- الأراضي : ذلك أنها هي
الأصل وعلى سطحها أو في باطنها تتواجد باقي العقارات، ومن تم، فهي تعتبر عقارا
بالنظر إلى ذاتها، وأينما كان مكان وجودها وأيا كانت وجهة استعمالها واستخدامها،
فسواء أكانت داخل المدن أو خارجها، وسواء استعملت للزراعة أو الصناعة فإنها تظل
عقارا بطبيعته في كل حال.
2- الأبنية : وهي كل ما جمع
من مواد البناء فنشد بعضه إلى بعض بصورة ثابتة، سواء أكان ذلك على ظهر الأرض أو في
باطنها.
3- النبات : ويدخل في نطاقه
كافة أنواع الأعشاب والشجيرات والأشجار لا فرق بين كبيرها وصغيرها، كما يتدخل في
هذا النطاق كافة الثمار المعلقة على أغصان الأشجار. فإذا كان النبات متصلا بجذوره
في الأرض وكانت الثمار متصلة بأغصان الأشجار اعتبر النبات عندئذ عقارا بطبيعته
نظرا لهذا الاتصال، وقد أكد المشرع المغربي على هذا المعيار عندما اعتبر في الفقرة
الثالثة من الفصل السابع لظهير 19 رجب، عقارا بطبيعته المحصولات الفلاحية إذا كانت
ثابتة بجذورها، وثمار الأشجار التي لم تجنى والغابات التي لم تقطع أشجارها
ويترتب على هذا أن النبات الموضوع في الأوعية الخاصة لا
يعتبر عقارا بل يعتبر شيئا منقولا حتى ولو كانت هذه الأوعية مدفونة وثابتة في
الأرض، طالما أن جذور النبات تتصل بتربة الأوعية لا بتربة الأرض
ثانيا: العقار بالتخصيص
ويقصد بالعقارات بالتخصيص المنقولات المادية التي تدمج
أو تثبت في عقارات بالطبيعة، فتفقد صحتها كمنقولات، ونجد العقارات بالتخصيص أساسها
القانوني في المادتين 524 و525 من القانون المدني الفرنسي، أما في المغرب فإن
الأساس القانوني الذي يحكمها أتى في المواد 5، 6، 7، 8 من التشريع المطبق على
العقارات المحفظة 2 يونيو 1915
ثانيا: المنقول
يعتبر منقولا لا الشيء الذي يمكن نقله من مكان إلى آخر
بدون أن يصيبه تلف، سواء كان هذا الانتقال انتقالا ذاتيا، كما تتيه الحيوانات، أو
كان بفعل قوة خارجية تدفعه وتحركه، ونظرا لاتساع ما يمكن اعتباره منقولا فإن بعض
التشريعات أحجمت عن تعريف المنقول، وعلى نفس السياق ذهب المشرع المغربي ومن تم،
يمكن أن نكتفي بالتمثيل عليها في نطاق الأمثلة التالية عنها:
أ- كل أنواع النقود والعروض والحيوانات والمكيلات
والموزونات تعتبر بطبيعتها أشياء منقولة. وتشمل العروض منها مختلف أنواع السلع
والمتاع والأقمشة، كما يدخل في نطاقها أثاث البيوت والأشياء المعدة لاستعمالات
الزينة كالبسط والسجاجيد والمقاعد والمرايا والموائد ومختلف أنواع الخزفيات
والتماثيل واللوحات الفنية وما شبه ذلك:
ب- وكل أنواع السفن البحرية.
ج- وكل أنواع المركبات الأرضية منها والهوائية.
د- وكافة أنواع الأدوات والمعدات المخصصة لإنشاء البناء
مادامت لا ترتبط بطبيعتها في نفس البناء.
هـ- الغاز والكهرباء، ذلك أنهما يعتبران أشياء منقولة
بطبيعتها ويحتفظان بهذه الصفة بالرغم من نقل الغاز في الأنابيب الخاصة به ونقل
الكهرباء في الخطوط الثابثة
إلا أن التطور الحاصل في الحياة أدى إلى انتقاد هذا
التقسيم لأنه لم يعد يلبي كل الحاجيات، كما أن هذا المفهوم للمال قد أدى إلى نتائج
لا تستقيم مع المنطق، ويتجلى ذلك بضم مفهومين مختلفين في تعريف واحد يجمع كل من
الحق والشيء الذي يعتبر بطبيعته محلا لهذا الحق في نفس الوقت، فهو بذلك ما بين
الحق بذاته وبين ركن من أركان الحق وهذا مخالف لطبائع الأشياء ومنطق الأمور.
فكان لابد من تغيير هذا التقسيم حتى يتسنى إدخال كثير من
الأشياء في دائرة المال
النظرية الحديثة لمفهوم المال وتقسيماته
مفهوم المال وتمييزه عن الشيء
أمام هذه النتائج التي أدى إليها مفهوم المال في منظور
الفقه التقليدي والتشريعات المتأثرة به كان لابد من فصل أحد هذين العنصرين من
مفهوم المال. فأما أن تخرج الحقوق المالية ويبقى المال قاصرا في مفهومه على مفهوم
الأشياء كما كان عليه الحال في بادئ الأمـر أو أن تخرج الأشياء وتبقى الحقوق
المالية، وقد لوحظ أن الحل الثاني هو الأصح والأقرب إلى الواقع، ومن تم أخرجت
الأشياء من نطاق الأموال وأصبحت مفهوما مستقلا متميزا عنها، وبقي مفهوم المال
مقتصرا فقط على الحقوق المالية وحدها دون الأشياء التي تعتبر بطبيعتها محلا لهذه
الحقوق وعلى هذا استقر الفقه والتشريع الحديث، وبالتالي أصبح يميز بين مفهوم المال
ومفهوم الأشياء:
- فالأموال : هي كل حق ذي
قيمة مالية، سواء كان عينيا أو حقا شخصيا أو حقا من حقوق الابتكار، وسواء كان
واقعا على الأشياء أو الأعمال.
التقسيمات الحديثة للمال
بعد التطورات التي أصابت مختلف ميادين الحياة اليومية
بدأ التفكير في البحث عن تقسيمات أخرى للمال حتى يتسع لاستيعاب مختلف الأشياء التي
أصبحت لها قيمة مالية لم تكن لها ذي قبل.
فبعد ما كان التقسيم في ظل النظرية التقليدية بين العقار
والمنقول لاعتبارات اقتصادية واجتماعية أضحى الآن التقسيم الحديث يضم ما يلي:
1- ينقسم المال باعتبار ماله من حماية وحرمته وصلاحية
للانتفاع وعدم شيء من ذلك إلى مُتَقَوِّمْ وغير مُتَقَوِّمْ.
2- كما ينقسم المال من حيث تباته وحركته إلى عقار
ومنقول، وقد تم إدراج مجموعة من الأشياء ضمن المنقولات كالأصل التجاري وبراءة
الاختراع وكل الحقوق العينية ذات القيمة الاقتصادية.
3- كذلك ينقسم المال من حيث تماثل أو تفاوت أحاده إلى
مثلي وقيمي:
المال المثلي : هو ما يوجد له
مثل في الأسواق بلا تفاوت يعتد به بين أُحَادِهِ ويتمثل في الكيلي والوزني غير
المصوغ كالنحاس والقصدير، والعددي المتقارب.
المال القيمي : هو ما تتفاوت
أحاده تفاوت يعتد به ومن القيمي أيضا العددي إذا تفاوت أحاده، وسائر المنقولات
التي تتفاوت أحاده تفاوت يعتد به
3- تقسيم المال بحسب النماء والاستهلاك وفي هذا الإطار
يقسم المال إلى مال نام وغير نام.
4- وهناك تقسيم آخر يقوم على أساس التفرقة بين أموال
الدولة وبين أموال الخواص:
الأمـوال العامة : تعتبر أمـوالا
عامـة العقارات والمنقـولات التي للـدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون
مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم وهذه الأموال لا يجوز التصرف
فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم
أما الأموال الخاصة: فهي الأموال
غير المخصصة لمنفعة عامة سواء أكانت مملوكة للدولة أو لإحدى إداراتها أو لإحدى
المؤسسات العامة أو كانت مملوكة لأفراد.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire