أبرز عوامل النهضة العربية ومظاهرها وأهم أعلامها.
مقدمة:
منذ سقوط بغداد على يد التتار والأدب العربي يشهد تراجعا حثيث
الخطى على مدى الأحقاب المتتابعة حتى انطفأت شعلته وبهت بريقه إلا من وميض خافت ينبعث
من حين إلى أخر من بين الظلام الدامس الذي عم الحياة الأدبية بفنونها المختلفة ولكن
البعض أفاقوا وأرادوا إيجاد حل لهذا الإشكال الذي مس حياتهم الاجتماعية والسياسية والثقافية
فكانت عوامل النمو الأدبي في البلاد العربية كثيرة، منها ما ابتكر بها والآخر استمد
من ثقافات وحضارات أخرى أجنبية وهذا ما يعرف بالنهضة الأدبية العربية في العصر الحديث.
01/ لمحة
أدبية عن العصر الحديث:
تطرأ على حياة الأمم تغيرات تنقلها من حال إلى حال، فإذا كان
هذا التغير من سيئ إلى حسن ومن ضعف إلى قوة سمي ذلك نهضة، وعكسه الانحطاط، فما أصاب
الأمة الإِسلامية ومنها الشعوب العربية من تأخر أرهق حياتها وأضعف مصادر الفكر فيها،
وبخاصة في ميدان الأدب.
(أ)- حالة
البلاد العربية في مطلع العصر الحديث:
إن سوء الأحوال السياسية قبل العصور الحديث في ربوع البلاد العربية
– وبالأخص مصر- كان بسبب، الفوضى التي صاحبت الحياة الاجتماعية والسياسية أثناء حكم
المماليك والباشا التركي وقد انعكست هذه الفوضى بشكل واضح على الأدب شعره ونثره.
وسبب ذلك أن الحكام لم يكونوا ممن يتذوقون الشعر ولا يشجعون
عليه ولذلك انصرف الشعراء إلى أمور أخرى تمكنهم من الرزق. كان الشعراء قلة وكانوا شعراء
شعب لا شعراء بلاط أو ديوان وندر الموجودون منهم وانحط الذوق الأدبي بسبب انتشار الألفاظ
التركية في ثنايا اللغة العربية ولا سيما العامية... لأن اللغة الرسمية في ذلك الوقت
كانت تركية، وقد انتشر الكثير من ألفاظها فحرص الشعراء على تجويد ألفاظهم وتنميق عباراتهم
حتى أصبح شعرهم عبارة عن حلى لفظية خالية تنعدم فيها القيم الفنية والجمالية.
وعلى العموم يمكن القول أن أدب هذه المرحلة قد اتسم بالضعف والتخاذل
باستثناء بعض ما كان من النصوص الشعرية لشعراء المدرستين المشهورتين في ذلك الوقت هما
المدرسة البكرية والمدرسة العلوية. أما المدرسة البكرية، فهي نسبة إلى أبي بكر الصديق
ومن تعلق به في حين أن المدرسة العلوية تنتهي إلى علي بن أبي طالب وأتباعه وكلاهما
أكثر من تناول موضوعات التصوف والمديح النبوي والتفاخر بالأنساب وسير السلف.
أغراض وموضوعات الأدب عامة والشعر منه بالخصوص –في تلك المرحلة-
تتمثل في تصوير البيئة المصرية وما أصابها من انحطاط وتخلف اجتماعي وفكري جراء انصراف
الحكام عن الانشغال بالشعب وبمشاكله وبالانغماس في ترف الحياة وملذاتها. وقد استغل
بعض الدخلاء هذا الفراغ السياسي الرهيب فراحوا باسم الدين والتصوف يوظفون الخرافات
الأباطيل والسحر لخداع العامة ونتج عن هذه الأوضاع ركود تام للحركة الأدبية زمنا طويلا
تجمدت خلاله القرائح الحية وبقي الشرق بعد الحروب الصليبية مغلقا على نفسه يسير في
ظلمة دامسة من الجهل والفقر الثقافي وقد أطلق عليها النقاد الفترة المظلمة وتبدأ من
سقوط بغداد في غزو هولاكو سنة 1258م كما يتفق جميع الدارسين وتنتهي بدخول نابليون مصر
1798م.
استمرت الفترة حوالي ستة قرون ولا شك أنها كانت مظلمة من الناحية
الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وان الشعر العربي تراجع في هذه الفترة المظلمة عما
كان عليه سابقا وكان شعر هذه المرحلة يسير في اتجاه الصنعة الفنية إلى حدها الأقصى
الذي أوصل إلى الانحطاط.
(ب)- مصادر النهضة العربية:
1- احتكاك الشرق بالغرب:
كانت المصادر الأساسية للنهضة العربية هي الغرب وهذا ناتج عن
احتكاك الدول العربية بالأخرى الغربية:
* احتكاك
لبنان بالغرب:
ظهر هذا الاحتكاك بنوع خاص في القرن 16 وما يليه وهذا بتشجيع
حركة البعثات الأوربية إلى الشرق وفتح مدارس بها إلى جانب المدارس القديمة كمدرسة
"عين ورقة" التي تعد أم المدارس الوطنية في هذه البلاد إلى جانب مدرسة أخرى
أسسها المعلم بطرس البستاني سنة 1863
* احتكاك
مصر بالغرب:
بعد الحملة الفرنسية على مصر سنة 1798 والتي أسندت إلى نابليون
الذي أعد الحملة فأيقظ هذا الاحتلال مصر من سباتها العميق، ولا سيما أن نابليون قد
ضم إلى حملته كثيرا من العلماء وأهل العقل والصناعة وأنشئوا في القاهرة مدرستين لتعليم
أبناء الفرنسيين المولودين بمصر وأنشئوا مجمعا علميا على غرار المجمع العلمي الفرنسي
وأصدروا صحيفتين باللغة الفرنسية هما "بريد مصر" وهي تعد لسان حال الحملة
وصحيفة "العشارة المصرية" وهي لسان حال المجمع العلمي.
2- الإستشراق:
أطلق الإستشراق على فئة من علماء الغرب، تخصصوا في دراسة لغة
الشرق وعلومه وتاريخه وتراثه، ومر الإستشراق بمراحل ثلاثة:
- مرحلة
دراسة اللغة العربية وأدبها وفكرها وذلك منذ القرن العاشر الميلادي وقبل عصر النهضة.
- والمرحلة
الثانية ظهرت فيها أغراض المستشرقين من أهداف استعمارية وأخرى دينية تبشيرية فجندت
لذلك مدارس تعلم اللغة العربية لتفهم عقلية أهلها فيسهل عليهم استعمار بلادهم.
- وفي المرحلة
الثالثة تيقظ الشرق لأهداف المستشرقين الاستعمارية والدينية وتصدى علماء العرب لهم
فحولوا اتجاههم لخدمة البحوث الفكرية وخدمة العلم والتاريخ والفكر الإنساني.
فقد كان للمستشرقين مجالات مختلفة ينشرون فيها بحوثهم ووسائل
كثير لنشر نشاطهم وإنتاجهم العلمي وهي:
- الجمعيات
ومعاهد الإستشراق التي جمعوا فيها ذخائر التراث الشرقي
- خزائن
المحفوظات بالمكتبات الغربية التي نشرت بحوثهم ومنها: الجمعية الأسيوية بباريس
1820م والجمعية الملكية الآسيوية بلندن 1723م ومراكز الإستشراق في مدريد وروما وموسكو
وصقلية وغيرها في المؤتمرات التي كان يعقدها المستشرقون حيث يلتقي فيها العلماء من
شتى
أنحاء العالم كما حدث في مؤتمر باريس سنة 1873م وفي آخر المؤتمرات
في أمريكا من المؤتمر السابع والعشرين سنة 1967م
ومن المستشرقين: بروكلمان وليتمان من ألمانيا، مرجليوث وجب من
إنجلترا، دي ساس وماسنيون من فرنسا وغيرهم كثيرون من مختلف بلاد أوربا.
(جـ)- عوامل النهضة الأدبية في العصر الحديث:
1- الصحافة:
تعد الصحافة من أهم العوامل التي ساعدت على نمو الأدب وارتقائه
ذلك أنها الميدان الذي يمارس فيه أرباب الأقلام فَنَّهم، كذلك ما للصحيفة من رواج لأسباب
أهمها رخص الثمن، ونحو ذلك، لهذا كانت الصحافة من أهم العوامل في نهضة الأمم في كافة
جوانب حياتها، وبخاصة الأدب ولقد عرفت الصحافة- أول ما عرفت في البلاد العربية- في
مصر حين أصدر محمد علي صحيفة " الوقائع المصرية "، وكانت تهتم فيِ بداية
حياتها بأحوال المجتمع تاريخاً وأدباً، بعد ذلك صدرت صحيفة " الأخبار " في
لبنان، وكانت حكوميةً، ولم يكن لها اهتمام بأحوال المجتمع العربي. وفي تونس صدرت
" الرائد " التونسية وكانت حكومية أيضاً وكان إسهام هذه الصحف في الحياة
الأدبية ضئيلاً ومتفاوتاً. ثم بدأت تصدر بعض الصحف الخاصة مثل " مرآة الأحوال
" التي أصدرها في الآستانة (رزق حسونة) وفي الأستانة أيضا أصدر (أحمد فارس الشدياق)
صحيفته الأسبوعية " الجوائب "، وبدأت هذه الصحف تهتم بأحوال المجتمع، وبخاصة
في الأدب واللغة والاجتماع.
ونظراً لسوء الأحوال في الشام، وحدوث بعض الاضطرابات فقد اتجه
بعض المثقفين إلى مصر، وبها أصدروا صحفهم مثل "الكوكب الشرقي " و" الأهرام
" و"الوطن ". ولأن أرباب هذه الصحف من النصارى لم يكن لها شأن في ميدان
الإِسلام حتى صدرت بعض الصحف والمجلات التي اهتمت بشؤون الإسلام والمسلمين مثل
" نور الإِسلام " و " المنار "، و " الهدي النبوي "
ومجلة " الأزهر ". أما أهم تلك الصحف والمجلات في ميدان الأدب: فـ
" الرسالة " و " الثقافة " و " الأزهر" و " الهلال
".
2- المدارس
والجامعات:
جاء العصر الحديث والعالم العربي كله يعيش في جانب التدريس على
ما تقدمه له المدارس البدائية [الكتاتيب]، ثم حِلقَ الدرس مع العلماء.
- فأما الكتاتيب
فكانت تدرب على القراءة والكتابة وبخاصة قراءة القرآن الكريم وحفظه، وما تقدمه من مبادئ
يسيرة في الخط والإِملاء والحساب ونحو ذلك.
- وأما حلق
الدرس فتلك التي كان يجلس فيها العلماء لطلاب العلم في المساجد وبيوت العلم، وأهم تلك
الحلق ما كان في الجامع الأزهر بمصر، وجامع بني أمية في دمشق، وجامع الزيتونة بتونس،
وجامع القرويين بفاس، والحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمدينة المنورة، والمسجد الأقصى،
وجامع بغداد والجامع الأحمدي بطنطا، وغيرها.
فقد ازدهر التعليم في الأزهر ولكن على النظام القديم، حتى عمل
بعض شيوخه على تنظيم الدراسة فيه، فأفضت جهودهم إلى وضع أنظمة حديثة للتعليم في الأزهر،
وصار يتكون من ثلاث مراحل. ابتدائي، وثانوي، وعاليٍ وقسم التعليم العالي إلى ثلاث كليات:
كلية اللغة العربية، وكلية الشريعة، وكلية أصول الدين، وأهم أولئك الرجال الذين عملوا
على إصلاح الأزهر الشيخ محمد عبده.
ثم دخل العالم العربي عصر الجامعات، فأنشأت مصر جامعة الملك
فؤاد [جامعة القاهرة]، ثم تتابع فيها إنشاء الجامعات في باقي المحافظات المصرية،وأنشئت
جامعة دمشق بعد ذلك بزمن، ثم تتابع إنشاء الجامعات في العالم العربي، كما انتشرت المدارس
الابتدائية، والمتوسطة، والثانوية، والمعاهد المختلفة، في المدن والقرى في جميع البلدان.
3- المطابع:
ظهرت المطابع في الغرب في شكل بدائي قبل ما ينيف على خمسة قرون
وأخذت في التطور فاستفاد منها الغربيون فوائد جمة. ولم تعرف البلاد العربية المطابع
إلا مع الحملة الفرنسية التي دخلت مصر سنة 1213 هـ حيث أحضرت معها مطبعة تطبع بحروف
عربية وأخرى فرنسية. واستولى (محمد علي) على تلك المطبعة، أو اشتراها ثم عمل على تطويرها
فاستقدم لها أحدث الأجهزة والحروف، وعني بعملها وسميت المطبعة الأميرية. واختار من
العلماء مشرفين عليها وموجهين للعمل فيها، فطبعت كثيراً من أمهات الكتب مثل كتاب
" الأغاني " لأبي الفرج الأصفهاني وكتاب " العقد الفريد " لابن
عبد ربه، ومقدمهَ تاريخ ابن خلدون، وكثيراً من أمهات الكتب في التفسير والحديث واللغة
والأدب والتاريخ وغير ذلك، ولم تزل تتطور حتى ضمت إلى دار الكتب. وأنشأ النصارى في
الشام بعض المطابع، فعنوا فيها بكتب دينهم وبعض كتب الأدب واللغة، وأخذت المطابع تتطور
وتنمو في البلاد العربية كلها جمعاء، لكن كانت لبنان هي المتقدمة في هذا الميدان حتى
أرهقَتها الحروب الأهلية والغزو اليهودي، فأحرقت وخربت كثير من المطابع، الأمر الذي
ترك أثراً واضحاً جلياً في تجارة الكتب.
4- الكتب:
جاء العصر الحديث والكتب العربية موزعهَ في خزائن الكتب في المساجد
وبيوت العلماء ومحبي جمع الكتب، وكانت الدولة التركية قد نقلت كثيرا مما حوته خزائن
الكتب في المساجد وغيرها.
وقد تم لَمَّ شتات الكتب برغبة (الخديوي) الذي كان قد كون مكتبة
جيدة في منزله. وقد نتج عن اهتمام الكثيرين بالكتب أن برزت دار الكتب المصرية التي
افتتحت وجمع فيها ما تفرق من الكتب في خزائن المساجد وبيوت العلماء، وأخذت تنمو بالشراء
والهبة والطبع حتى تجاوزت محتوياتها في مراكزها الثلاثة أكثر من مليون ونصف كتاب
وإلى جانب دار الكتب كانت مكتبة الأزهر التي تقدمت في التفسير
والحديث على دار الكتب وغيرها من المكتبات العربية. وعمدت كل دولة عربية إلى إنشاء
دار كتب، ثم اتسع نطاق المكتبات العامة، فصار في كل جامعة مكتبة مركزية وفي كل كلية
وكل معهد بل وكل مدرسة مكتبة. ذلك أن المكتبات تعد مصدر الغذاء العقلي، فالاهتمام بها
والمحافظة عليها وعلى محتوياتها واجب. وذلك من أجل توفي الغذاء الفكري لعامة الناس
وخاصتهم.
5- الترجمة:
بدأت الترجمة الحديثة في العالم العربي في عهد ( محمد علي )
ذلك أنه حرص على إيصال علوم الغرب إلى فكر أبناء أمته وذلك ليتمكنوا من استيعاب العلومِ
التي شاعت في الغرب، وقد ترجمت في أيامه كتب كثيرة في الطب والهندسة وشتى العلوم، مثل
" روح الاجتماع " و " جوامع الكلم " ونحوها واتصلت الترجمة وأخذت
تتسع في كل مكان وبدأت في عهد (إسماعيل) ترجمة الكتب الأدبية وبخاصة القصص والروايات.
وكان للمنفلوطي إسهام جيد في تلك المترجمات لأنه كان يكل ترجمة بعض الأعمال إلى بعض
رفقائه ثم يصوغها صوغاً عربياً جميلاً من ذلك " ماجدولين " و " الفضيله
" و " الشاعر " و " في سبيل التاج ". وأقبل الناس على الترجمة
من الإنجليزية، ثم كثر المترجمون حتى إن الكتاب الجيد يترجم أكثر من مرة مثل
"ماجدولين" و "البؤساء"
6- المعاجم
والمجامع اللغوية:
حين بدأت الترجمة في عهد ظهرت بعض المشكلات أهمها الحاجة إلى
ألفاظ بديلة لما لم يوجد له مقابل بين أيدي المترجمين، ولهذا ظهرت معاجم كثيرة عربية
وإنجليزية، أو عربية وفرنسية، أو عربية وإيطالية، وقد يجمع المعجم الواحد أكثر من لغتين
غير أن كُتّاب هذه المعاجم كانت تقوم أمامهم صعوبات إذا لم يجدوا اللفظ المقابل بين
أيديهم، ولذلك نشأت الحاجة إلى مجامع لغوية تتولى وضع ألفاظ ومصطلحات بطرق سليمة، كالاشتقاق،
والنحت، أو تعريب اللفظة بعد إخضاع لفظها للسان العربي بالنقص، أو الزيادة، أو التحريف،
فجرت محاولات في مصر لإنشاء مجمع اللغة العربية أكثر من مرة إلا أنه، لا يكاد ينهض
حتى يكبو. إلى أن تنبهت الحكومة المصرية فأصدرت قرارها سنة 1351 هـ بإنشاء مجمع اللغة
العربية الذي مازال قائماً حتى الآن، ولكي تضمن الحكومة المصرية نجاحه عمدت إلى تطعيمه
بالمختصين في العلوم المختلفة، وجعلت من أعضائه بعض المستشرقين، كما فتحت الباب لِإسهام
الدول العربية بعضو من كل دولة. ثم أنْشئ المجمع العلمي بدمشق، ثم المجمع العلمي ببغداد،
وفي زمن متأخر أنشأت الأردن مجمعا وأصدر كل مجمع مجلة، ووضعت مصطلحات، لبعض الكلمات
الأجنبية مثل الدراجة (اللبسكلته) والبهو (للصالون) والمعطف (للبالطو).
02/ تطور الأدب العربي:
إن نضوج عوامل الوعي ونموها قد أتى كله وظهرت آثاره إذ ساد التطور
مناحي الحياة جميعا منذ أن انبثق عصر النهضة.
أولا: الشعر
(أ)- مراحل تطور الشعر:
فالشعر في منذ أواخر القرن التاسع عشر الميلادي حتى منتصف القرن
العشرين قد مر بمرحلتين:
*الأولى:
مرحلة الإحياء التي اصطلح على تسميتها بالمدرسة الكلاسيكية
*الثانية:
مرحلة التجديد وتشمل مدارس التجديد الرومانسي المتمثلة في مدارس الديوان ومدرسة المهجر
إن شعراء المرحلة الأولى قد تباينوا ثقافة وأغراضا وأساليب لذالك
استحسن النقاد تصنيفهم إلى طائفتين:
الطائفة الأولى:
الشعراء الذين عاشوا على التراث العصرين المملوكي والعثماني
وهو ما يعرف بعصر الجمود الأدبي وقد اقتصر شعرهم على المدح والرثاء والأحاجي والتهاني
وهي الأغراض التي هيمنت على شعر العصرين المذكورين إذ كان الشعر آنذاك في معظمه يتخذ
وسيله للتكسب والتقرب من ذوي الجاه والسلطان وكان بديهيا والحالة هذه إذ يغلب على أساليبهم
التكلف والمحسنات اللفظية التي ازدحمت بها قصائدهم فصارت هدفا في ذاتها ولم تعد وسيله
إلى تحسين الأسلوب وكان ابرز شعراء هذه الطائفة: أبو النصر، حسن العطار، على درويش
وغيرهم.
الطائفة الثانية: (مدرسة الإحياء الكلاسيكية)
وأصحاب هذه الطائفة أولئك الشعراء الذين أتيح لهم قدر من الثقافة
الجديدة واستيقظت فيهم المشاعر النفسية والوطنية والاجتماعية والسياسية فظهرت في شعرهم
بعض ملامح التجديد وهؤلاء يمثلون مدرسه البعث والإحياء إذ كانوا يرون أن انجح وسيله
للنهوض بالشعر العربي هي العودة إلى التراث العربي بملامحه الأصلية واستلهامه وتمثل
خصائصه الفنية والموضوعية وبعث الأمجاد العربية التي تصدت لأعداء الأمة والهدف من ذالك
هو بعث روح التحرر والتجديد ومواجه الغزو الثقافي والسياسي الأجنبي وقد ساعدهم في ذالك
إنشاء دار الكتب المصرية وتكوين جمعية المعرفة، وقد عملتا معا على إحياء كثير من كتب
التاريخ والأدب العربي ونشر دواوين الشعراء وجمعها بعد أن كانت متفرقة في المكتبات
الخاصة ومكتبات المساجد وقد حمل لواء هذه
المدرسة الشاعر محمود سامي الباروي الذي اتبع خطوات فحول الشعر
العربي الزاهرة خاصة العصرين العباسي والأندلسي وقد جعل من أبي تمام والبحتري والمتنبي
وابن زيدون وابن خفاجة وغيرهم أمثلة يحتذى بها .
وقد تعزز وضع هذه المدرسة بظهور شعراء كبار بعد ذالك مثل إسماعيل
صبري، عائشة التيموري محمد عبد المطلب، احمد شوقي حافظ إبراهيم، احمد محرم و محمود
غانم ومن نهج
نهجهم وتقصى أثرهم كما حافظ هؤلاء على روح الشعر العربي شكلا
ومضمونا إذ حافظوا على عمود الشعر وجزالة الألفاظ وغزاره المعاني وتحرروا من قيود المحسنات
اللفظية والتزموا الصورة الشعرية البيانية ولذالك سموا بمدرسة المحافظين البيانين وكان
العصر غالبا مقتصرا على تجديد الموضوعات وحسبما تقتضيه متطلبات العصر والظروف السياسية
والاجتماعية التي تمر بها الشعوب العربية وكان من البديهي أن أغراضهم الشعرية كانت
متنوعة قديمه وجديدة.
(ب)- أغراض الشعر العربي الحديث و تطورها:
*الأغراض التقليدية:
المدح: نهج شعراء هذه المدرسة نهج شعراء المدح السابقين في الثناء
على الممدوح وتعداد كريم صفاته والتغني ببطولاته وفضائله لكن مدح الحكام خفت بظهور
زعماء جدد هم زعماء الوطنية والأحزاب السياسية
الرثاء: وقد تطور الرثاء تطورا نوعيا إذ لم يعد يقتصر على ذوي
الجاه والسلطان بل تجاوز ذالك إلى الشخصيات الدينية والوطنية المعبرة عن وجدان الأمة
وتوسع الرثاء حتى شمل رثاء المدن والمناطق المنكوبة بالاحتلال واعتداءات المحتلين
الغزل: حظيت الجوانب العاطفية بنصيب موفور عند شعراء هذه المدرسة
حيث أنهم ادخلوا على هذا الغرض شيئا من التغير والتطور إذ تجاوزوا وصف المظاهر الشكلية
إلى الانفعال بأسرار الجمال والبحث عن جمال النفس أي البحث عن جوانب عاطفيه حقيقية
الوصف: لم يعد الوصف عند شعراء هذه المدرسة قاصرا على الشعراء
والتفاعل مع تلك الطبيعة بل تجاوز ذالك إلى بعث الحركة والحياة في الجمادات ووصف معارك
التحرير وشهدائها
*الأغراض
الجديدة:
مرت بالوطن العربي أحداث وظروف جعلت الشعراء يتفاعلون معها وظهور
أغراض جديدة تلاءم التوجهات الإسلامية والقومية وهي توجهات رأى فيها الشعراء وقودا
لمعارك التحرير ضد المحتل الأجنبي وربما كان لثقافتهم الأجنبية اثر في تزكية روح التجديد
ومن أهم هذه الأغراض ما يأتي:
الشعر التاريخي: فالعرب في هذه الفترة بحاجه إلى إحياء ذكرى
أمجادهم والارتباط بماضيهم العريق ولذالك كان لابد أن يحظى التاريخ بعناية الشعراء
لإيقاظ الهمم وبعث الثقة بذالك الماضي الذي عاشت الأمة فيه أجل أيامها
الشعر الوطني: نشأت هذه النزعة الوطنية مصاحبة لثقل كاهل الاحتلال
على الأمة فنما وعي قومي ووطني تمثل في كثير من قصائد شعراء هذه الحقبة الزمنية من
أمثال احمد شوقي، حافظ إبراهيم، احمد محرم، الزهاوي والرصافي، وكان لهؤلاء دور بارز
في مقاومة الاحتلال والتحريض عليه كقول الرصافي متهكما بحال الأمة
يا قوم لا تتكلموا *^* إن الكلام محرم
ناموا ولا تستيقظوا *^* ما فاز إلا النوم
دعوة الإصلاح الاجتماعي الإسلامي: صاحب الاتجاهين السابقين اتجاه
ثالث يرى أن الإصلاح الاجتماعي والسياسي لا يستقيم إلا بإذكاء الروح الإسلامية لدى
الشعوب العربية ولذالك عني الشعراء مثل البارودي وشوقي وحافظ ومحمود غانم وغيرهم بالتاريخ
الإسلامي والمدائح النبوية وإصلاح وضع المرأة وتبني قضايا الأمة.
الشعر التمثيلي:ظل هذا النوع من الشعر مجهولا في أدبنا العربي
حتى نظم احمد شوقي في السنوات الأخيرة من حياته ست مسرحيات هي:
مصرع كليوباترا،
قمبيز،
على باك الكبير
مجنون ليلى
عنترة
والست هدى
والأخيرة ملهاه مصريه
وكان اقتحام شوقي لهذا المجال فتحا كبيرا وجديدا لفن من فنون
الشعر العربي بقصد مقاومه تيار العامية والذي طغى على المسرح العربي فجاهد شوقي هذا
التيار العامي واستطاع أن يحد من طغيان العامية على خشبه المسرح إلى حد كبير
أما عن تطور الأساليب عند شعراء المدرسة الكلاسيكية فقد كان
لكل من هؤلاء الشعراء شخصيته وظروفه وثقافته ومن ثم أسلوبه الأدبي ومن معالم هؤلاء
الشعراء الأتي:
- إن هؤلاء
الشعراء حافظوا على المعاني العامة التي تشكل القيم الشعرية للقصيدة العربية لكنهم
تصرفوا في المعاني الجزئية
-اتسمت قصائدهم
بنوع من التطور
-تأثر شعراء
هذه المدرسة بالمعجم اللفظي للشعر القديم
- قلد الشعراء
في هذه المرحلة الشعر العربي القديم في أساليبهم وتعبيراته وصوره
وقد تميزت السمات الأساسية للمدرسة الكلاسيكية بـ:
- العناية
بالأسلوب والصياغة والابتعاد عن الأخطاء اللغوية والركاكة الأدبية التي سادت الشعر
العربي قبل عصر النهضة
- استخدام
الشكل العروضي المعروف بالشعر العربي القائم على الوزن والقافية
- استخدام
الشكل والموضوعات القديمة مع إضافة بعض مظاهر التجديد التي تقتضيها ظروف العصر
- ربط الشعر
بالمجتمع بتصوير آلام الأمة وأملها ومعالجة مشكلاتها
ثانيا: النثر
قبل الحديث عن النثر في العصر الحديث ينبغي إلقاء نظرة سريعة
عن حالته قبل هذا العصر، إذ تجمع كل الكتابات على أن النثر لم يكن أحسن حالا من الشعر
حيث كانت الصناعة اللفظية في عصر الأتراك العثمانيين تحتل المحل الأول من أساليب الكتاب
وكان السجع هو اللون الغالب في أساليبه الأمر الذي جعل المعاني تضيع في زحمة هذه الأسجاع
ولا يكاد القارئ يلمح المعنى من بينها إلا كما يرى الرائي وميض الجمر من بين الرماد
المتكاثف فالسجع سابق والمعنى لاحق وهو عين الأسلوب المتكلف ومنتهى التصنع في الكتابة.
(أ)- مراحل
تطور النثر:
المرحلة الأولى:
في النصف الأول من القرن التاسع عشر مرحلة التقليد وهو امتداد
للعصرين المملوكي والعثماني وكان النثر فيه محدود الغرض تافه الفكرة ركيك الأسلوب مليء
بالمحسنات البديعية المتكلفة مع استمرار السجع والصور الخيالية المملة
المرحلة الثانية :
انبلج فجر العصر الحديث في القرن العشرين مرحلة الازدهار فكثير
من العوامل ساعدت على تطوير النثر وإخراجه من قيود اللفظ المتكلف، وقد كانت الثورة
العربية من بين العوامل التي جعلت النثر يعرف لنفسه إشراقه جديدة بظهور جماعة من الرواد
أمثال جمال الدين الأفغاني وتلاميذه أمثال عبد الله النديم ومحمد عبده وكذا زعماء الحركة
الوطنية من أمثال مصطفى كامل ومحمد فريد، كما نلمس في أسلوب هؤلاء الكتاب الرغبة في
التخلص من علة المحسنات البديعية التي لا طائل منها والتي يضيع المعنى الشريف بين ثناياها.
تنوعت فنون النثر فشملت المقالة والقصة والمسرحية....الخ ومالت
الأفكار إلى التجديد والابتكار والتحليل والترتيب وتحرر الأسلوب من المحسنات والمفردات
الغريبة كما اتسم بالسهولة والوضوح
فقد ظهرت لذلك مدرستان هما:
مدرسة المحافظين:
وقد اهتموا بقوة الأداء وجمال الصياغة مع الاهتمام بالفكرة وأكثر
روادها من ذوي الثقافة العربية فقد اهتموا بعرض القضايا العربية الإسلامية كما دافعوا
عن تراثنا الإسلامي وأمجادنا
مدرسة المجددين:
وهم من الرواد الذين تأثروا بالثقافة الغربية وآدابها فأتوا
إلى العربية بالجديد من الفكر والأساليب واهتموا بالنقد الأدبي والوضوح وعمق الفكرة
والميل إلى التحليل كما عالجوا الفنون الحديثة في النثر كالقصة والمسرحية ومن رواد
هذه المدرسة طه حسين وتوفيق الحكيم
(ب)- تطور
فنون النثر فى العصر الحديث:
1- المقالة:
لم يعرف العرب قبل العصر الحديث فن المقال في نثرهم، وإنما هو
فن غربي أصيل جلبته إلينا الصحافة حين ظهرت في العصر الحديث وكل ما عرفه العرب في تراثنا
الأدبي القديم وهي أطول من المقالة ولها نمط خاص من الصناعة والأسلوب كرسائل الجاحظ
وغيره من الكتاب، وهناك فرق كبير بينهما: فالرسالة خاصة تكتب لصنف معين من المثقفين،
أما المقالة فهي للجمهور، لأنها تكتب على صفحات الجرائد ليقرأها العام والخاص.
ومن ثم فإن المقالة صناعة العصر الحديث، ظهرت بظهور المطبعة
والصحافة، وهي تتميز بتوخي السهولة والوضوح ليقف عليها عامة القراء، كما أنها تلتمس
الأسلوب السهل الميسور، ويختار كتابها الألفاظ المعروفة للخاصة والعامة، وقد كان للصحافة
أثر بالغ في تحديد هذه المميزات لأنها وعاء المقالة والوسيلة التي تقدم بها إلى القراء.
وقد كان لتطورنا السياسي والاجتماعي منذ أواسط القرن التاسع
عشر أثر بالغ في تنويع فن المقالة فكان منها المقال الإصلاحي والسياسي والاجتماعي والفلسفي
والأدبي والنقدي.
فقد ظهرت مقالات إصلاحية سياسية واجتماعية لجمال الدين الأفغاني
ومحمد عبده ومصطفى كامل كما نشر قاسم أمين مقالاته عن تحرير المرأة في جريدة المؤيد
سنة 1900.
أما المقالات الأدبية الخالصة فلم تظهر على صفحات الجرائد إلا
في أوائل القرن العشرين ومن كتابها مصطفى لطفي المنفلوطي ثم بعد ذلك تدفق سيل من المقلات
الأدبية بأقلام طه حسين وهيكل الرافعي ومن جاء بعدهم.
2- القصة
الطويلة: (الرواية)
القصة الطويلة أو الرواية المعاصرة ليست فنا غربيا محضا، فقد
كانت للعرب قصص في العصر الجاهلي وهي التي كانت تحكي أيام العرب ووقائعهم وحروبهم كما
كانت لنا ملاحم في صدر الإسلام والعصر الأموي فقد ظهرت القصة العربية الخالصة وكانت
بعضها بلغات ولهجات محلية كمقامات بديع الزمان الهمذاني في القرن الرابع وحاكاه بلغاء
الكتاب من بعده.
وفي أيام المغول وعصر المماليك ظهرت ألوان من القصص الشعبي المشهور
كقصة الظاهر بيبرس وسيف بن ذي يزن وذات الهمة وفيروز شاه هذا بالإضافة إلى قصة عنترة
وأبي زيد الهلالي وألف ليلة وليلة.
وفي أواخر القرن التاسع عشر من العصر الحديث حين نشطت حركة الترجمة،
ظهرت قصص مترجمة عن الأدب الغربي كقصة مغامرات تلماك التي ترجمها رفاعة رافع الطهطاوي
رائد الترجمة الحديثة
وفي أوائل القرن العشرين ظهرت محاولات جديدة في التأليف القصصي
تدور حول محاكاة التاريخ القصصي وكان فارس هذا الميدان جورجي زيدان، ولكن قصصه كانت
أقرب إلى الحبكة التاريخية منها إلى التصوير القصصي.
وبعد الحرب العالمية الأولى ظهرت أول محاولة في القصص الحديث
حين حاول الأدباء أن يبتكروا ذلك ابتكارا دون ترجمة، فتنوعت هذه المحاولات الفنية فمن
الأدباء من حاول النسج القصصي ولكنه في إطار قديم من البلاغة اللفظية والسجعة مثل محمد
المويلحي في حديث عيسى بن هاشم ومنهم من حاكى التاريخ القصصي في تراثنا بصورة جديدة
متحررة من النسج القديم سواء في الاسلوب او الموضوع مثل محمد فريد أبو حديد واحمد باكثير
وعلي الجازم.
هذه الألوان السابقة وعلى الرغم من ضخامة المجهود الذي بذله
منشئوها لا تعتبر قصصا من النوع الإنشائي المبتكر وإنما هي أمشاج من المحاكاة والتصوير،
أما أول كاتب قصصي مبتكر هو محمد حسين هيكل في قصته المشهورة زينب ألفها سنة 1913 وهو
في فرنسا وفيها نلحظ الابتكار في الأسلوب، ثم تلاه طه حسين فأخرج الأيام، دعاء الكروان،
شجرة البؤس وشهرزاد بطلة ألف ليلة وليلة، وآخرون مثل المازني في قصة إبراهيم الكاتب
وعود على بدء ونلاحظ مثل ذلك عند العقاد في سارة.
3- القصة
القصيرة:
والقصة القصيرة تختلف في تاريخها عن القصة الطويلة كل الاختلاف
وعلى حين كانت القصة الطويلة ممتدة من الجذور في أعماق الأدب العربي، إن القصة القصيرة
تعتبر أوربية محضة أخذناها عن الغرب مترجمين ومحاكين.
ويرجع تاريخ القصة القصيرة في أوربا إلى أوساط القرن التاسع
عشر وأشهر مدارسها:
• مدرسة
جي دي موباسان الفرنسي المتوفى سنة 1851م فهو أول من كتب قصة قصيرة وأكملت على يديه
في الغرب
• مدرسة
تشيخوف الروسي وقصصه تعالج شريحة من قطاع وتسمى لحسة من الحياة ولا يشترط فيها المراحل
المعروفة في القصة وهي البداية والوسط والنهاية.
• مدرسة
بلزاك وتعتمد على التحليل النفسي وهو وصف النفس البشرية والنزعات والدوافع وتحليل أشخاص
الرواية
وفي القرن العشرين ظهرت:
• مدرسة
سومرت ست موم
• أميلي
ديطنسون
• ارنست
هيمنقواي
ومن هنا نستدل أن ريادة القصة القصيرة منسوبة إلى الغرب عامة
و فرنسا بصفة خاصة.
وهنا يحق لنا أن نسأل: كيف نشأت القصة القصيرة في مصر والشرق
العربي؟ ولسنا نشك أن المحاكاة الفنية هي سبيل هذه النشأة وليس الخلق والإبداع. وأكثر
مؤرخي القصة القصيرة وناقديها يعتقدون ان محمد تيمور هو أول واضع للقصة القصيرة في
مصر ولكن المنهج العلمي الحديث أثبت خلاف هذا الزعم.
فقد مرت القصة القصيرة عندنا بثلاث مراحل هامة:
* المرحلة
الأولى: وهي تمثل "مدرسة السفور" سنة 1915م ومن كتابها القصاصين محمود عزي
وكان مديرها عبد الحميد حمدي
* المرحلة
الثانية: المدرسة الحديثة في القصة سنة 1920م وكانت تضم أعضاء كثيرين منهم: محمد تيمور،
طاهر لاشين ويحيى حقي.
* المرحلة
الثالثة: مدرسة محمود كامل المحامي.
وقد أثبت الأديب علي كامل فيضي في بحث أدبي اطلعنا عليه بعد
دراسة طويلة عكف عليها في مجلة السفور أن محمود عزي هو رائد القصة القصيرة في مصر وأنه
تأثر بالقصاص الفرنسي جي دي موباسان.
ولكن نقاد القصة القصيرة ومؤرخيها يجمعون على ان محمد تيمور
هو رائد القصة القصيرة في مصر. ومن هؤلاء يحيى حقي في كتابه "فجر القصة القصيرة"
ومحمود تيمور في "قصص ومسرحيات" وعبد العزيز عبد المجيد في "الأقصوصة
في الأدب العربي الحديث" وآخرون.
ويدافع الأديب علي فيضي عن وجهة نظره بأن قصص محمد تيمور لم
تظهر إلا في سنة 1917م بالإضافة إلى أن القصة كانت أشبه باللوحات الفنية منها إلى مواصفات
القصة الحقيقية فأول قصة قصيرة مكتملة ظهرت في مصر على صفحات مجلة السفور كانت لمحمود
عزي وذلك في سنة 1915 وأول قصة له اسمها علي وسميرة ثم تتابعت قصصه في مجلة السفور
فنشر ثلاث عشرة قصة قصيرة حتى سنة 1923م وقد عالج القصة الواقعية بأسلوب رومانسي على
نسق القصة الموباسنية أي انه كان يشترط في هذه القصص أن يكون لها بداية ووسيط ونهاية
غير متوقعة مع عنصر التشويق.
ومن ذلك نستخلص أن القصة القصيرة الغربية عند جي دي موباسان
وان محمود عزي كان أول من عالج هذا الفن على صفحات مجلة السفور ثم تلاه محمد تيمور
وتتابعت القصص القصيرة في المدارس الثلاث.
4- المسرحية:
والمسرحية في نثرنا المعاصر فن غربي أصيل لم نألفه قبل العصر
الحديث وربما كان أول عهدنا بالمسرحية مع مشرق الحملة الفرنسية على مصر فقد أنشأت الحملة
مسرحا للتمثيل كانت تمثل عل خشبته الروايات الفرنسية كل عشر ليال. ولكن المسرحيات المصرية
لم تظهر إلا في عصر إسماعيل حين أنشأ دار الأوبرا وظهر مسرح يعقوب صنوع الذي كان يلقب
بـ"موليير مصر".
في أوائل النصف الثاني من القرن العشرين نوابغ التأليف المسرحي
يتقدمهم شيخهم توفيق الحكيم ونجح الحكيم في مهمته بسبب تمكنه من الثقافة الغربية وإتقانه
الفرنسية وهي لغة المذاهب الأدبية المعاصرة. ومن ثم لقيت مسرحياته نجاحا منقطع النظير
بل وأكثر من ذلك فإن أصدقاءه والمعجبين به من أدباء الغرب اخذوا يترجمون بعض مسرحياته
ويمثلونها في مسارحهم.
ومن صناع المسرحيات أيضا محمود تيمور ونجيب محفوظ ويوسف إدريس
وعادل غضبان.
الخاتمة:
وفي الختام يتضح لنا أن الحال الأدبي قد تبدل في أواخر العقد
الأخير من القرن الثامن عشر استنادا إلى حركة التاريخ، إذ أفاق من سباته وتحرر من جموده
وبفضل هذه النهضة استعاد الأدب حيويته ونضارته وأصبح عاملاً من عوامل تكوين الأمة وعاملا
من عوامل تقدمها وازدهارها. وهذا راجع لأدباء وشعراء في جميع الميادين الذين رفعوا
الأدب العربي ووضعوه محل ما يجب أن يوضع ولكن مع مرور الوقت وتسابق العصور لا نزال
نحتاج وسنظل نحتاج إلى أدباء مثلهم للإبقاء على الفن العربي لمكانته ومحافظته والاعتناء
بأساليبه وأغراضه ومعانيه و دائما رونقه وجماله.
هذا باختصار ما كانت عليه حالة الأدب العربي وأهم عوامل قيامه
المـصـادر و المـراجــع
1/د.وداعة محمد الحسن وداعة : الآداب والنصوص والقراءة عبر العصور
، مجلس
الشهادة الثانوية العالمية، مصر ، 2005م.
2/حسين سيد أحمد الناطق: الأدب العربي في القرن العشرين ، دار
الفكر ، مصر ، 1997م.
3/موقع : المقهى الأدبي العربي على شبكة الانترنت
اغلب هذا الموضوع مقتبس من كتاب المتقن ....
RépondreSupprimerشكرا 😊
RépondreSupprimermerci
RépondreSupprimerهل كان في ذلك العصر مؤلف عن سيرة ذاتية او غيرية,,,
RépondreSupprimerبعض المراجع جزاكم الله خيرا
RépondreSupprimerMerci ✌
RépondreSupprimerشكرا ، لكن أين خاتمة البحث أحتاج إليها
RépondreSupprimerشكرا ، لكن أين خاتمة البحث أحتاج إليها
RépondreSupprimerشكرا ، لكن أين خاتمة البحث أحتاج إليها
RépondreSupprimerThank a lot for info
RépondreSupprimerMerci❤
RépondreSupprimer