أهداف
و دوافع انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة
بما أن المنظمة العالمية للتجارة
هي امتداد لاتفاقية الغات ، فإن التعاقد في هذه الإتفاقية هو بمثابة الانضمام إلى
هذا المنظمة بعد ظهورها إلى حيز الوجود ، حيث أن الأعضاء الأصليين لهذه المنظمة هم
أطراف متعاقدون في اتفاقية الغات ، و بما أن الجزائر لم تكن طرفا متعاقدا في
الإتفاقية ، فإنها ليست من الأعضاء الأصليين للمنظمة ، و سوف نسلط الضوء على الأسباب
و الدوافع التي كانت وراء طلبها للانضمام إلى هذه المنظمة .
إن الانضمام إل المنظمة العالمية للتجارة ليس إجباريا
على الدول ، بل هو خيار تختاره الدولة ، وذلك حسب وضعيتها الاقتصادية و السياسية ،
فطلب الجزائر لعضوية هذه المنظمة كان قناعة منها بان الانضمام إليها قد يتيح لها
فرصا أفضل لإنعاش اقتصادها و تطويره على خلاف لو بقيت خارجها ، خاصة و أن
الجزائر شهدت موجة إصلاحات ضخمة من أجل التوجه نحو اقتصاد السوق .
1- الأهداف التي تسعى الجزائر لتحقيقها من هذا
الانضمام :
لم تبد الجزائر نيتها في الانضمام إلى هذا
المنظمة إلا بعد أن تأكدت أن لا جدوى من تفاديها و البقاء على هامشها ، خاصة بعد
أن شرعت في الإصلاحات الاقتصادية و الانتقال إلى اقتصاد السوق ، الذي يتطلب تحرير
التجارة الخارجية ، وهو شرط أساسي من شروط الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة
، فهي تسعى لتحقيق مجموعة من الأهداف من وراء ذلك و أهمها مايلي :
1- إنعاش الإقتصاد الوطني : مع انضمام الجزائر إلى المنظمة سيرتفع حجم و قيمة المبادلات التجارية ،
خاصة بعد ربط التعريفة الجمركية عند حد أقصى و حد ادني ، و الامتناع عن استعمال
القيود الكمية ، مما ينتج زيادة في الواردات من الدول الأعضاء ، فاحتكاك المنتجات
المحلية بالمنتجات الأجنبية و بالتالي الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة و
التقنيات المتطورة المستعملة في عملية الإنتاج ، و بالتالي زيادة المنافسة التي
يمكن أن تستغلها الجزائر كأداة ضغط لإنعاش الإقتصاد الوطني عن طريق تحسين المنتجين
المحليين منتجاتهم من حيث الجودة الفعالية و الكفاءة و التسيير الجيد من اجل
البقاء في السوق ، وهو ما يساهم في إنعاش و بعث وتيرة الإقتصاد الوطني .
2- تحفيز و تشجيع الاستثمارات : إن تشجيع الاستثمارات و تحفيزها ، مرتبط بنجاح الإصلاحات الاقتصادية في
الجزائر ، التي انطلقت في أواخر الثمانينات ، وفي هذا الصدد فقد قدمت الجزائر عدة
مزايا للمستثمرين سواء المحليين أو الأجانب ، حيث أن قانون النقد و القرض 90-10
الصادر في سنة 1990 تضمن عدة تحفيزات كالمساواة بين المستثمرين الأجانب و المحليين
في مجال الامتيازات ، و الإعفاءات الضريبية ، إلا انه لم يتم التوصل إلى الهدف
المنشود ،إذ أن من بين مجموع الملفات المودعة لدى الوكالة الوطنية لتطوير
الاستثمار و التي بلغ عددها 48 ألف من سنة 1993 حتى سنة 2001 تم تجسيد 10 بالمائة
منها فقط ، و بالتالي فإن انضمام الجزائر إلى هذه المنظمة سيفتح لها المجال و
يمنحها فرصة أكبر لجلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ، من خلال استفادتها من
الاتفاقية الخاصة بالاستثمارات في مجال التجارة ، و التي قد تعود باستثمارات مهمة
عليها ، خاصة مع الاستفادة من أثر الشبكات التي تكونها الشركات متعددة الجنسيات
على المستوى الجهوي و الدولي ، و ما تمثله من وسائل هامة في تبادل السلع و الخدمات
و التكنولوجيا و في استغلال الهوامش المتوفرة في الربحية و مرد ودية عوامل الإنتاج
بين الدول و التكتلات .
3- مسايرة التجارة الدولية : يتميز الإقتصاد الجزائري بالتبعية للخارج و ذلك بسبب اعتماده على قطاع
المحروقات ، الذي يقدم للخارج أكثر من 95 بالمائة و الصادرات الجزائرية، و من جهته
يتميز الجاهز الإنتاجي الجزائري بضعفه و عدم قدرته على المنافسة من ناحية مدخلاته
من السلع الوسيطة و المعدات الإنتاجية التي تستورد في اغلبها و عدم مسايرته
للتطورات الحديثة ، مما تسبب في ارتفاع تكاليف الإنتاج ، لذا فإن لجوء الجزائر إلى
الأسواق العالمية للحصول على احتياجاتها المختلفة من خارج إطار المنظمة العالمية
للتجارة لا يسمح لها بالاستفادة من الفرص التي تقدمها هذه الأخيرة ، من المواد
الغذائية ، و من جهة أخرى فاعتبار الجزائر مستوردا بالدرجة الأولى للموارد
الغذائية ، و التجارة الخارجية تلعب دورا فعالا في الإقتصاد الوطني ، فلا يمكن
للجزائر أن تكون بعيدة عن ساحة العلاقات الاقتصادية الدولية ، إذا أرادت أن تساير
التطورات الحديثة .
4- الاستفادة من المزايا التي تمنح للدول النامية
الاعضاء بالمنظمة : إن المزايا التي تمنحها المنظمة العالمية للتجارة
للدول الأعضاء بها ، تعتبر بمثابة دوافع و محفزات للانضمام إليها ، و الجزائر تسعى
للانضمام بهدف الاستفادة من المزايا التي تمنح لها بصفتها كعضو من جهة و من جهة
ثانية بصفتها كدولة نامية .
5- رؤية مستقبلة : ربما تكون
إزالة الحواجز الجمركية دافعا رئيسيا لزيادة معدلات التبادل بين الدول العربية ( و
لا يتحقق ذلك إلا بإيجاد عملة خاصة بالمغرب العربي ، و ذلك من اجل القضاء على كل
السلبيات التي يمكن أن تنتج عن ذلك في مقدمتها اختلاف أسعار الصرف الذي نتج عنه
عمليات التهريب ) .
و هناك من يرى أن المنظمة و الانضمام إليها سينجر عنه عدة سلبيات أهمها :
* إجهاض الصناعات الوليدة المفتقرة للجودة بسبب عدم امتلاك التكنولوجيا
المتقدمة .
* انخفاض حصيلة الضرائب الجمركية سوف يؤدي إلى عجز أكبر ف ميزان المدفوعات
بالنسبة للدول النامية و بالتالي الدخول أكثر في دوامة الاقتراض و الديون و
التبعية للخارج .
* ضياع مورد من موارد الدولة جراء التخفيض في نسبة التعريفة الجمركية .
* منظمة التجارة كانت عائق معرقل لتشكيل
تكتل دول المغرب العربي كونها عملت على جذب كل دولة منفردة و التفاوض معها ، و
الأولى كان يجب أن يتم التفاوض بين كتلة و كتلة أخرى تماثلها لا بين كتلة و دولة
منفردة لأنه حتما ستكون شروط التفاوض في صالح الكتلة على حساب الدولة لا محالة
.
و من بين أهم المزايا التي تمنح للدول النامية الاعضاء هي حماية المنتج الوطني من المنافسة ، خاصة في
المدى القصير ، وذلك بالسماح لها بالإبقاء على
تعريفة جمركية مرتفعة نوعا ما ، و كذلك مدة التحرير و التي تصل إلى 10 سنوات (
تحرير تدريجي للتعريفة ) بدلا من 6 سنوات للدول المتقدمة .
و بصفة عامة فقد منحت الدول النامية عند انضمامها
إلى هذه المنظمة مجموعة من الامتيازات هدفها بالدرجة الأولى هو تسهيل التزام الدول
النامية بأحكام المنظمة في إطار تحرير التجارة الدولية ، كما تعتبر هذه الامتيازات
بمثابة حوافز تساعد الدول النامية على إعادة هيكلة اقتصادياتها و تعديل تشريعاتها
و سياساتها التجارية ، حتى تتلاءم مع الفكر الجديد لتحرير التجارة الدولية .
المزايا
انضمام الجزائر إلى هذا المنظمة ، قد يمنح لها عدة
مزايا نذكرها في النقاط الأساسية التالية :
1- الاستفادة من الإعفاءات
الخاصة بالدول النامية ، و التي تمس عدة قطاعات ،
منها قطاع الفلاحة ، الذي تصل فيه مدة الإعفاء إلى 10 سنوات ، كذلك تدابير الصحة ،
بالإضافة إلى إجراءات الاستثمار المتصل بالتجارة ، بحيث يؤجل تطبيق إجراءات
الاستثمار المتصل بالاستثمار بالتجارة و بأحكام ميزان المدفوعات إلى 5 سنوات و يمكن
أن تصل إلى 7 سنوات و ذلك بطلب من البلد المعني .
2- يمكن مواصلة دعم صادرات مختلف
القطاعات لفترة تصل إلى 8 سنوات .
3- يمكن فرض شرط استعمال نسبة من السلع المحلية
لإنتاج بعض السلع من طرف مؤسسات أجنبية لمدة تصل إلى 8 سنوات ، كما أن
هناك إجراءات أخرى يمكن للجزائر أن تستفيد منها ، و حتى تستفيد الجزائر و مثيلاتها
من الدول من هذه المزايا يجب عليها إتباع الخطوات و الإجراءات التالية :
1- وضع سياسة اقتصادية و تجارية و
اعتماد إستراتيجية تنموية بعيدة المدى ، معتمدة على القدرات الذاتية مع شرط أن لا
تكون متعارضة مع شروط الانضمام إلى المنظمة .
2- تجديد الطاقة الفكرية البشرية،
التي تتحكم في الإدارة الجزائرية و تكوين المسيرين على الطرق الحديثة للتسيير .
3- إعطاء فرص متكافئة لكل
المستثمرين الجزائريين و العمل على القضاء على المعاملات التمييزية .
4- إعطاء عناية أكبر للمؤسسات
القادرة على المنافسة الدولية و العمل على تنمية طاقة التصدير .
5- تحرير الإدارة الجزائرية من كل
أشكال الضغط و المساومة أي الرشوة و التمييز .
6- وضع أكبر عدد ممكن من الشروط
الخاصة بالانضمام بهدف حماية القطاعات الاقتصادية الإستراتيجية في المدى المتوسط ،
وهذا يتوقف على مستوى و قدرة فريق الخبراء الجزائريين المفاوضين ، لان الشرط
الوحيد للجزائر الذي يجب على الوفد الجزائري التمسك به هو حماية المنتج الوطني .
7- الاهتمام بالعنصر البشري الذي
يمثل العنصر الأساسي في العملية الإنتاجية .
8- التركيز على القطاع الخاص في
تطوير المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و اهتمام القطاع العام بالقطاعات الإستراتيجية
الكبرى مع الاستقلالية في التسيير .
للإشارة فإن المؤسسات
الصغيرة و المتوسطة تحتل في الاقتصاديات الغربية ما يقارب 80 بالمائة من
السوق ، بينما في الجزائر فعددها بلغ حسب الإحصائيات التي قامت بها وزارة القطاع
في سنة 2002 ما يقارب 179 ألف مؤسسة ، في حين كان ينبغي أن تصل إلى 600
ألف أو 800 ألف مؤسسة حسب المعدل العالمي بالنسبة لعدد السكان و هو ما يبين
ضعف الاستثمارات في الجزائر
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire